لقد وضع المجتمع البنكي الدولي وسيلتين ماليتين رئيسيتين هما؛ القرض المستندي والضمان البنكي الدولي.
من المفترض أن تقنع الوسيلة الأولى المصدر بتأكيد حصوله على السداد في التاريخ المتفق عليه أو عند إنتهاء تنفيذ الصفقة (بيع البضائع، تقديم خدمات...)، وتهدف الوسيلة الثانية إلى طمأنة المستورد بالامتثال بحسن تنفيذ الالتزامات التعاقدية للمورد.
على هذا النحو، وضع المجتمع الدولي ممارسات موحدة تم نص قواعدها من قبل غرفة التجارة الدولية.
الضمانات البنكية عند الطلب الأول:
غالبًا ما يتم إصدار الضمانات البنكية الدولية وفقًا لتسلسل زمني محدّد اعتمادًا على التقدم المحرز في المشروع التعاقدي بدءا بضمان العرض في مرحلة دعوة المناقصة ثم ضمان استرداد التسبيقات أو التقديمات عند بداية تنفيذ العقد، وحسن التنفيذ عند توقيع محضر الاستلام المؤقت و/أو النهائي وأخيراً ضمان اقتطاع الضمان الذي يمتد على مدى سنة واحدة بعد تسليم الصفقة للمستفيد.
ضمان العطاء (ضمان العرض):
في إطار الصفقات، تستخدم الشركات والمؤسسات الوطنية المناقصات أو المزايدات من أجل إحصاء مختلف الموردين الدوليين واختيار أفضل عرض لتنفيذ الصفقة. في حالة تم اختيار المتعهد، فإنه مطالب بالوفاء بالتزامه بتنفيذ الصفقة وفقا لمعايير دفتر الشروط.
وبالتالي، فإن ضمان العرض يدخل حيز التنفيذ خلال مرحلة ما قبل التعاقد ويهدف إلى تعويض المستفيد إذا قام المتعهد بسحب عرضه خلال فترة اختيار العروض و/أو رفض تفعيل الضمانات الأخرى المنصوص عليها تعاقديًا.
يتراوح مبلغ ضمان العرض بين 1% و5% من المبلغ الإجمالي للصفقة ويسري لمدة ستة أشهر من تاريخ فتح العروض. يتم تبليغ تحرير ضمان العرض من قبل المتعهد في الحالات التالية:
- عند رفض عرض المتعهد، وبالتالي لم يتم قبوله لتنفيذ الصفقة المعنية.
- عند اختيار المتعهد لتنفيذ العقد، ومباشرة تفعيل الضمانات الأخرى المنصوص عليها بموجبه.
ضمان الاسترداد المسبق:
عموما، لتنفيذ الصفقات، يتم توفير دفعة مسبقة لا تتجاوز 15٪ من مبلغ العقد، قبل تنفيذ الصفقة، وتسمى هذه الدفعة المسبقة أيضًا ضمان التسديد وهي مجرد تسهيلات ممنوحة لمنفذ أشغال المشروع لتمكينه من الشروع في تنفيذ الصفقة.
يدخل هذا الضمان حيز التنفيذ عند دفع الأموال في حساب الآمر لدى إحدى البنوك المتفق عليها في العقد ويظل ساريًا بشكل عام إلى غاية توقيع محضر الاستلام المؤقت أو يتم تخفيضه بما يتناسب مع الخدمات المقدمة إلى غاية السداد الكامل.
ضمان حسن التنفيذ (إتمام الصفقة):
الغرض منه هو الضمان للمستفيد سداد أمواله في حالة عدم الامتثال لبنود عقد الصفقة فيما يتعلق بجودة أو كمية السلع و/أو الخدمات المنصوص عليها في العقد.
يتم تفعيل ضمان حسن التنفيذ عند توقيع العقد ويظل حيز التنفيذ إلى غاية الاستلام النهائي وفقا للأحكام التعاقدية.
في بعض الأحيان، قد يتم تخفيض هذا الضمان بنسبة 50% عند الاستلام المؤقت وإلى 50% عند الاستلام النهائي للسلع و/أو الخدمات.
ضمان اقتطاع الضمان:
ويسمى هذا الضمان أيضًا ضمان الصيانة أو ضمان الإعفاء عن الضمان ويغطي خدمات البناء أو الصيانة خلال الفترة التجريبية، الممتدة بين الاستلام المؤقت والاستلام النهائي للصفقة.
يدخل هذا الضمان حيز التنفيذ لوضع حد للاحتفاظ بالمبلغ الذي يصل أحيانا إلى 10% من قيمة العقد.
إذا كان ضمان التنفيذ يغطي فترة تنفيذ العقد إلى غاية الاستلام المؤقت، فإنه يٌرحل بضمان الصيانة خلال الفترة التجريبية للأشغال ويفقد أثره عند الاستلام النهائي.
يتم تفعيل اقتطاع الضمان إذا كانت الإمدادات و/أو الخدمات المقدمة لا تفي بالمعايير المتفق عليها تعاقديًا أو رفض المصدر التدخل لصيانة المعدات خلال فترة الضمان المحددة مسبقًا.
الضمانات الجمركية:
ويخصص هذا النوع من الالتزام أساسا لعقود الأشغال التي تتطلب الإدخال المؤقت للعتاد المطلوب أو الاستفادة من نظام جمركي اقتصادي (نظام تعليقي) للضرائب والرسوم الجمركية.
وبالفعل، فإن الشركات التي تنفذ صفقات تتطلب استيراد معدات ومواد ذات قيمة كبيرة معفاة من دفع الضرائب والرسوم من خلال تقديم ضمان يغطي مبلغ الرسوم المذكورة.
علاوة على ذلك، بالنسبة للاستيراد الذي يصل بدون وثائق، يتدخل الضمان الجمركي للسماح للمستوردين بحيازة البضائع وإصدار الوثائق الثبوتية بمجرد الحصول عليها.
- القبول المؤقت: تسمح إدارة الجمارك لبعض المقاولين الأجانب ب استيراد المعدات بشكل مؤقت دون دفع الرسوم والضرائب على أن يتم إعادة تصدير هذه المعدات بعد انتهاء الأشغال (تعليمة 866/82/ وزارة المالية). يسمح هذا الضمان بضمان مبلغ محدد من الرسوم والحقوق المستحقة أثناء الاستيراد المؤقت.
- اعتماد الرفع: يمكن للشركات الأجنبية التي لديها حجم كبير من الواردات ضمان مبلغ وارداتها في حساب مفتوح لدى إدارة الجمارك وتحصيل الرسوم والحقوق المستحقة، تدريجيا عند وصول الشحنات، على هذا الحساب إلى غاية استنفاذها التام.
تندرج هذه الصيغة في خط الاعتماد الذي تمنحه إدارة الجمارك لصالح المؤسسات الأجنبية التي يتعين عليها دفع الرسوم الجمركية المحتملة.
- التعهد المنازع عليه: يتم إجراء هذا الضمان كذلك لضمان وصول البضائع في حالة غياب مستند أو أكثر من المستندات التي تقدمها الشاحن أو ممثله إلى الناقل لتسليمها إلى المرسل إليه، ويمكن للمستورد رفع بضاعته وإتمام الإجراءات عند حيازة المستند الناقص.
- الالتزامات المضمونة: تتمثل في قرض تمنحه إدارة الجمارك لصالح المستورد مما يسمح له بدفع الرسوم والحقوق مقابل الكمبيالات المضمونة لمدة 120 يومًا مغطاة بضمانة مضادة شاملة بنفس المبلغ.
ضمانات بنكية أخرى عند أول طلب:
لا يقتصر تدخل البنك، من حيث الالتزام، في ممارسة المعاملات الدولية التقليدية (التحويل، تسليم المستندات، القرض المستندي....) ولكنه يمتد إلى معاملات التجارة الخارجية الإضافية.
بالفعل، يمثل النقل البحري نصيب الأسد في مجال النقل المتعدد الوسائط، مما شجع البنك بقوة على لعب دوره كوسيط دولي بشكل أكبر وفرض نفسه تدريجيا في الممارسة العملية للحد من المشاكل الناشئة عن المعاملات الدولية.
خطاب الضمان لغياب بوليصة الشحن
بموجب اتفاقية بروكسل لعام 1924، يكون الناقل مسؤولاً عن الأضرار والخسائر التي تلحق بالبضائع منذ وقت استلامها إلى غاية تسليمها مقابل تسليم بوليصة الشحن الأصلية، وفي حالة عدم تسليم بوليصة الشحن، يتدخل البنك بتعليمات من الآمر، عادة المرسل إليه أو وكيل العبورالخاص به، لإصدار التزام لصالح الناقل أو المودع لديه (الوكيل)، للسماح له بحيازة البضاعة مقابل تسليم بوليصة الشحن الأصلية أو دفع قيمة البضاعة في حالة ملاحظة مخالفات في التسليم بدون بوليصة الشحن.
ومع ذلك، يجب إزالة أي خلط بين الضمان بسبب غياب بوليصة الشحن الأصلية لصالح الناقل والتعهد المتنازع عليه الذي يسمح برفع البضائع في غياب إجراء أو أكثر من الإجراءات لصالح إدارة الجمارك.
ضمان الدفع:
في بعض الأحيان، قد يجد المستورد نفسه في مواجهة صعوبات مالية في دفع التكاليف التي تقع على عاتقه فيما يتعلق بعملية التصدير، يتدخل البنك الضامن لإصدار ضمانات لصالح المصدر في إطار قروض معينة (المشترين أو الممولين).
يمكن أيضًا إصدار هذا الضمان لصالح محكمة مخولة بالفصل في قضية بهدف ضمان سداد التكاليف والأتعاب المتكبدة في الدعوى القضائية.
ويدخل ضمان الدفع الذي يغطي القروض الخارجية حيز التنفيذ بمجرد إصداره إلى غاية تاريخ السداد الكامل للقرض موضوع الضمان، بينما يسري الضمان الصادر لصالح جهة قضائية بمجرد صدوره ويتم إلغاؤه بقرار تحكيمي صادر عن الجهة القضائية المختصة.
تفعيل وتسيير الضمانات البنكية:
استبعدت القوانين الجزائرية ممارسة الضمان المباشر. في الواقع، أي ضمان بنكي وضعه بنك جزائري لصالح متعامل اقتصادي مقيم، يجب بالضرورة أن يكون، مقابل ضمان من بنك أجنبي من الدرجة الأولى (مذكرة وزارة المالية، رقم 171/م/DCA المؤرخة في 21/01/89).
تفعيل الضمان:
استلام الضمان المقابل: بناء على تعليمات المصدر الأجنبي، يصدر البنك الأجنبي الضمان المقابل لصالح البنك الجزائري يغطي الضمان الذي سيصدره هذا الأخير لصالح المشتري الجزائري.
تتم دراسة الضمان المقابل من قبل البنك الجزائري على مستوى مديريته الدولية من خلال تقييم قدرة البنك المفعل للضمان على الوفاء ومدى مطابقة نص الضمان المقابل مع النص المعياري الذي أعدته وزارة المالية (مذكرة رقم 532 أ-ع المؤرخة في 25/06/1985)
إذا تم قبول الضمان المقابل من قبل البنك الضامن، يقوم هذا الأخير بتبليغ المستفيد، للموافقة، على شروط الضمان الذي سيتم تفعيله، يمنح أجل عشرة (10) أيام للمستفيد لإبداء تحفظاته، وبعد هذه المدة يتم قبول الشروط ضمنيا ويشرع الضامن في إصدار عقد الضمان (تعليمة بنك الجزائر رقم 05/94 المادة 07).
وبموجب عقد الضمان، يلتزم البنك الجزائري رسميا بدفع مبلغ الضمان للمستفيد الجزائري بناء على أول طلب من هذا الأخير.
التأشيرات الإلزامية للضمان عند أول طلب:
- أ. تعيين الأطراف: يعتبر الآمر والمستفيد والبنك الضامن الأطراف الرئيسية في عقد الضمان، ومع ذلك، فإن تعيين المستفيد لديه أهمية خاصة من أجل الحفاظ على الطابع الشخصي لعقد الضمان، على عكس الدين الذي يمثله الضمان والذي يمكن التنازل عنه أو نقله.
- ب. موضوع عقد الضمان: يمكن لعقد الضمان تغطية الصفقة الذي تم إصدار الضمان من أجلها فقط، وبعبارة أخرى، يغطي هذا الالتزام المخاطر المحتملة المرتبطة بعدم احترام بنود العقد الأساسي بين المشتري والمورد.
- ج. مبلغ الضمان: إن مراجعة مبلغ العقد قد يؤدي تلقائيا إلى تعديل مبلغ الضمان، ولهذا السبب يجب أن تكون النسبة التي تمثل مبلغ الضمان بالنسبة إلى العقد الأساسي واضحة وينص عليها صراحة في عقد الضمان، لاسيما بالنسبة للعقود التي تنجز على دفعات والتي يتم بموجبها استهلاك مبلغ الضمان وفقا لحجم الأشغال المنجزة.
سقوط عقد الضمان:
تنص المادتان 18 و24 من القواعد الموحدة لطلب الضمانات على أن عدم إرجاع عقد الضمان لا يؤثر على صحة العقد، وعلى العكس من ذلك فإن رد العقد يفترض انتهاء صلاحية عقد الضمان بشكل لا رجعة فيه.
أيضًا، يؤدي تاريخ تقويمي و/أو حدث إلى قيام المستفيد برفع اليد (تحرير) عن الضمان في ظل ظروف مواتية لانجاز الصفقة. ومع ذلك، لا شيء يمنع ظهور عوامل غير مواتية تمنع حسن سير العقد يترتب عنها بالتالي تفعيل الضمان، وفقًا لمبدأ أول طلب، بناءً على طلب يقدمه المستفيد (المادة 20 من القواعد الموحدة لطلب الضمانات).
القانون الواجب التطبيق:
النزاعات الناشئة في نهاية تنفيذ الضمانات البنكية، غرفة التجارة الدولية من خلال المادة 27 من القواعد الموحدة لطلب الضمانات تشجع الضامنين والضامنين المقابلين على تقديم التزامات لقانون البنك الذي يقدم الخدمة، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك بين الطرفين، أي:
- ضمان قانون مقر مُفعل الضمان.
- الضمان المقابل لقانون مقر مفعل الضمان المقابل.
تسيير الضمان البنكي:
- التعديل: يجب تبليغ المستفيد بأي تعديل قبل تنفيذه؛ تتعلق هذه التعديلات عمومًا بالمبلغ والنسبة والعنوان و/أو طبيعة العقد.
- التمديد: في كثير من الأحيان، يتدخل المستفيد لدى البنك الضامن لطلب تمديد التاريخ المشار إليه سابقا في عقد الضمان.
ويفسر هذا التدخل بالفشل الملاحظ أثناء تنفيذ العقد.
تحرير الضمان:
ينتهي الضمان في حالة استيفاء أحد الشروط التالية:
- رفع اليد: تعكس هذه الصيغة الامتثال للالتزامات التعاقدية الخاصة بالمتعاقدين من الباطن وتحرير الضمان بالتراضي من قبل المستفيد، في غياب هذا الإجراء، يتحمل الآمر عمولات إضافية، تصل في بعض الأحيان إلى مبلغ الضمان.
- التفعيل: في حالة فشل المورد الأجنبي في الوفاء بالتزاماته التعاقدية تجاه شريكه الجزائري، يطلب هذا الأخير من البنك الضامن تفعيل مبلغ الضمان.